الى اي مستوى قد ينخفض النفط

تراجعت أسعار النفط مرة أخرى، وفقد خام برنت 4.2 في المئة مسجلا 34.88 دولارا للبرميل، الأربعاء، ما دفع الأسعار إلى أدنى مستوى لها منذ 1 يوليو/ تموز 2004.
ولكن إلى أي مدى أبعد يمكن أن تنخفض أسعار النفط؟ وما هي العوامل التي قد تؤدي إلى الانتعاش؟ وإلى متى يمكن أن يستمر التقلب الحالي؟
هل إنتاج النفط في بحر الشمال قابل للنمو مع سعر 35 دولارا للبرميل أو أقل؟
نعرف الجواب إلى حد ما. كانت هناك فقدان لآلاف الوظائف في صناعة النفط في بحر الشمال وأحجم المنتجون الكبار عن استثمار مليارات الجنيهات الاسترلينية في مجال التنقيب.
حتى الآن، شركات النفط الكبرى مثل بي.بي وشل وتوتال، وشركة إكسون موبيل قد نجت من العاصفة التي خلفها انهيار أسعار خام برنت.
ولكن جيرمي باتستون- كار، كبير الاقتصاديين في تشارلز ستانلي، يحذر من أن استمرار انخفاض الأسعار، أو حتى مزيدا من هبوط أسعاره، يمكن أن تبدأ فعلا في إلحاق الضرر بالشركات الكبرى.
ويشير إلى أن أول دليل على أنها بدأت تعاني سيتمثل في وقف توزيع الأرباح على المستثمرين، وهو ما نجحت الشركات في تجنبه حتى الآن.
وفي الوقت نفسه، يقول آلان جيلدر، محلل النفط في وود ماكينزي، إن الكثير من مشغلي نفط بحر الشمال بدأوا “يشعرون حقا بالألم” مع وصول سعر النفط 35 دولارا للبرميل.

ويوضح أنه مع هذا السعر، وبفضل خفض الكثير من مشغلي بحر الشمال النفقات، فإن الشركات ستتمكن فقط من النجاة، لكن هذا لن يترك أية أموال يمكن استثمارها مستقبلا.
ويتوقع باتستون- كار أنه يمكن أن انخفاض أسعار النفط إلى حوالي 30 دولارا للبرميل وتظل عند هذا المستوى لهذا العام.
وتوجد مشكلة رئيسية تكمن فقط في ضخ الكثير جدا من النفط في جميع أنحاء العالم.

عدد ضخم من منتجي النفط لا يمكنه الصمود الجزائر وفنزويلا ونيجيريا تواجه مشاكل مالية خطيرة واضطرابات سياسية
إلى متى يمكن أن يظل الزيت الصخري الأمريكي صامدا؟
يوضح بول ستيفنز، أستاذ فخري في جامعة دندي، والمتخصص في شؤون الشرق الأوسط، أن سعر النفط قد ينخفض نظريا أقل ليتراوح بين 20 دولارا إلى 25 دولارا للبرميل.
لماذا؟ يعتقد أن معظم منتجي الزيت الصخري في الولايات المتحدة يتسامح مع أسعار النفط الحالية.
نعم، ربما يصابوا بخسارة صغيرة، ويقدر تكلفة إنتاج الزيت الصخري بحوالي 40 دولارا للبرميل بالنسبة لمنتجي الصخر الزيتي – ولكنهم لن يتوقفوا عن الإنتاج حتى تنخفض الأسعار إلى حوالي 25 دولارا للبرميل.
ومع ذلك يرى جيلدر، أن العديد من شركات إنتاج الزيت الصخري في الولايات المتحدة لن تكون قادرة على مواصلة الإنتاج والأسعار أقل من 50 إلى 60 دولارا.
ويقول إن هناك مشكلة أخرى أكبر بكثير من مستقبل إنتاج الزيت الصخري في الولايات المتحدة.
“هناك عدد ضخم من منتجي النفط لا يمكنه الصمود عند هذه المستويات، الجزائر وفنزويلا ونيجيريا تواجه مشاكل مالية خطيرة واضطرابات سياسية مع زيادة العاطلين عن العمل وارتفاع أسعار”.
ويضيف أن مستوى الاضطرابات الكبير قد يضيف اضطرابا جيوسياسيا، ويترتب على ذلك المخاوف بشأن الامدادات، قد تدفع الأسعار للارتفاع. ولكن ليس بكثير.

الولايات المتحدة، التي يعتقد أنها تمتلك أكبر مرافق التخزين في العالم، لم يعد لديها مكان لتخزينه
كمية النفط التي يتم شراؤها بهذه الأسعار؟
هناك وفرة في المعروض من النفط عالميا حتى أن الدول لا تجد مكان تخزنه فيه.
يقول ستيفنز إن الولايات المتحدة، التي يعتقد أنها تمتلك أكبر مرافق التخزين في العالم، لم يعد لديها مكان لتخزينه. كما أنها ليست الدولة الوحيدة التي تواجه هذه المشكلة.
ويضيف “التخزين اكتمل إلى حد كبير والناس يتحدثون بالفعل عن شراء صهاريج للتخزين العائم”، موضحا “لكن اذا استمر العرض يفوق الطلب، ثم الشيء الوحيد الذي يمكنك القيام به مع النفط بيعه، الذي يدفع حتما السعر للانخفاض.”
جيلدر يأخذ وجهة نظر مختلفة، ويشير إلى أنه من غير الواضح تماما ما إذا كانت منشآت التخزين في الولايات المتحدة قد امتلأت تماما.
واستطرد “نحن نعرف عن الولايات المتحدة ومستويات التخزين الأوروبية، لكن الهند والصين تخز النفط استراتيجيا تحسبا لتعطل الامدادات”.
يضيف باتستون- كار : “من دون وجود انخفاض ملحوظ في الانتاج لن يتغير شيء، وعلينا أن ننتظر حتى يونيو/ حزيران لاجتماع أوبك المقبل قبل أن نرى انخفاضا في الحصص”.
ويحذرستيفنز من أن انهيار أسعار النفط هو نتيجة لتحول النفط – كسلعة – يجري “تداولها بحرية لأول مرة منذ عام 1928”.
وذلك لأن المملكة العربية السعودية قد قررت عدم خفض الإنتاج لدعم الاسعار – على خلاف ما كان يحدث في السابق عند الإفراط في الامدادات.

تصاعد التوتر بين السعودية وإيران لن يدفع المملكة لخفض إنتاجها حتى لا تساعد إيران على استعادة حصتها في السوق
المملكة العربية السعودية ضد إيران: ماذا يمكن أن تفعل في أسعار النفط؟
عززت المملكة العربية السعودية سيطرتها على السوق خلال السنوات الأربع الماضية منذ أن فرضت الولايات المتحدة عقوبات على واردات النفط من إيران، واستحوذت على حصة كبيرة بالسوق وهي مترددة الآن في التخلي عنها.
ويقول تقرير من شركة وود ماكينزي “إن السعودية ستواصل السعي من أجل حصة في السوق ولن تخفض إنتاجها لإفساح المجال لإيران.”
“ما لم يتفق منتجين آخرين مثل روسيا وإيران والعراق للحد من إنتاجها النفطي، وقد أعلنت السعودية باستمرار منذ اجتماع أوبك نوفمبر/ تشرين ثاني 2014، أنها ليس لديها نية لخفض امداداتها لدعم أسعار النفط.”
ويقول التقرير إن التصاعد في التوتر بين السعودية وإيران يؤكد أنه من غير المرجح أن تخفض المملكة إنتاجها حتى لا تساعد إيران على استعادة حصتها في السوق.
عدم اليقين هذا يؤدي عادة إلى ارتفاع أسعار النفط. ولكن بصرف النظر عن الارتفاع في مطلع العام الجديد، واصلت الأسعار الانخفاض.
يقول جيلدر معظم تجار النفط تجاهل إمكانية تصعيد المملكة العربية السعودية وإيران ضد بعضهما البعض بالطريقة التي يمكن أن تؤثر على الإمدادات.
ومع ضعف الطلب على النفط، خصوصا في الصين والأسواق الناشئة، لا يبدو ان هناك سببا كافيا لنتوقع أن الأسعار سيتندفع إلى أعلى في أي وقت قريب.